هل يعلم ذاته؟ وهل يعلم كونه فاعلا لغيره أم لا؟ وهذا يدل على أنّ كون الشيء عالما بشيء ، مغاير لحصول ذلك الشيء له.
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ ذلك إنّما يقع إذا لم يتحقق أنّ ذاته بأي وجه حصل لذاته ، وأنّ غيره بأيّ وجه حصل له ، فإنّ معاني الحصول مختلفة. فإذا حقّقنا تجرّده ، وحقّقنا أنّ كون الشيء مجرّدا قائما بالذات يقتضي علمه بذاته وبصفاته كما يجيء بيانه ، لم نشكك في ذلك. (١)
وفيه نظر ، فإنّ «تحقّق كون الشيء مجرّدا قائما بالذات يقتضي علمه بذاته وبصفاته» ، يدل على مغايرة التعقّل للحصول ، وهو المطلوب.
الثامن : الصور الجزئية تحصل في الخيال أو في الجليدية ، والإدراك يكون في الحس المشترك أو في ملتقى العصبتين ، فلو كان الحصول إدراكا لكانا معا.
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ الإدراك ليس هو حصول الصورة في الآلة فقط ، بل حصوله في المدرك لحصوله في الآلة ، وهنا الإدراك لا يحصل في الحس المشترك ولا في ملتقى العصبتين ، بل في النفس بواسطة هاتين الآلتين عند حصول الصورة في الموضعين المذكورين أو غيرهما. (٢)
وفيه نظر ، فإنّ آلة المدرك غير المدرك ، وقد كنتم جعلتم الإدراك هو الحصول عند المدرك فكيف يدرك المدرك لحصول صورة المدرك عند غيره؟ ثمّ إن حصلت صورة المدرك للمدرك كما حصلت لآلته ، كان هناك حصولان ، ولا حاجة إلى حصول الصورة عند الآلة. وإن لم يكن إلّا حصول عند الآلة وجب أن لا يكون المدرك إلّا من حصلت له تلك الصورة.
التاسع : انّا نعلم أنّ المبصر هو زيد الموجود في الخارج ، والقول بأنّه مثاله أو شبحه يقتضي الشكّ في الأوّليات.
__________________
(١) و (٢) نفس المصدر.