قال أيضا : «حصول الشيء للشيء يقع بالاشتراك أو (١) التشابه على معان مختلفة ، كحصول الجوهر للجوهر والعرض ، وحصول العرض للعرض والجوهر ، والصورة للمادة أو الجسم وعكسهما ، والحاضر لما حضر عنده وعكسه ، إلى غير ذلك. ولمّا كان الحصول الإدراكيّ معلوما ولم يكن أي حصول اتّفق بل حصول صورة ما للمدرك ، لا للشيء على الإطلاق ، ولم يكن هذا الحصول بمعنى حصول العرض لموضوعه ، لم يجب أن يكون الأسود مدركا للسواد». (٢)
ولا مخلص فيه ، فإنّ البحث في تفسير المدرك في قوله «الإدراك حصول شيء للمدرك لا أيّ حصول اتّفق» واقع.
السادس : لو كان التعقل هو الحصول ، لوجب إذا تصورنا موجودا ليس بجسم ولا قائما في جسم ، واعتقدنا حلول السواد فيه أن نقطع بكونه عالما به.
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ اعتقاد حلول السواد فيه ، إن كان على سبيل حلوله في الأجسام فهو جهل وسخف. وإن كان على سبيل حلوله في المجرّدات فهو معنى كونه عالما به ، ولا تغاير بينهما إلّا تغاير الألفاظ المرادفة. (٣)
وفيه نظر ، فإنّ مفهوم الحلول واحد ، والبرهان آت في المجرّد.
فإنّا نقول : لو كان التعقل هو الحلول للصورة في المجرّد لكنّا إذا اعتقدنا حلول أمر في المجرّد نعتقد أنّ ذلك المجرّد عالم به ، وليس كذلك ، بل إنّما يحصل ذلك من مقدمتين :
إحداهما : الحلول في المجرّد.
الثانية : أنّ معنى الحلول في المجرّد هو التعقل ، لكن النزاع إنّما وقع في هذا.
السابع : انّا بعد العلم بأنّ الله تعالى ليس بجسم ولا حالّ فيه ، نشكك في أنّه
__________________
(١) في المصدر : «و».
(٢) شرح الإشارات للطوسي ٢ : ٣١٩.
(٣) نفس المصدر : ٣٢٠.