بصورة مساوية ، فيخرج العلم عن كونه صورة مساوية للمعلوم في العالم.
قال أفضل المحققين : «لا يجب كون العالم بالحرارة حارا ؛ لأنّهم قالوا بانطباع صورة مساوية للحرارة. وفرق بين صورة الشيء وبينه ، فإنّ الإنسان ناطق وصورته ليست ناطقة.
وليست الصورة مساوية للمعقول في تمام الماهية ؛ لأنّ المساوي في تمام الماهية هو نفس الماهية أو شخص من أشخاصها لا صورتها. وإذا كان بين الماهية وصورتها اثنينية في النوع لكانت الصورة غير الماهية. ولجاز أن يكون المقتضي لكون المحل حارا هو مجموع ما به الاشتراك وما به الامتياز.
ولا يلزم أن يكون الجدار عاقلا ، لأنّ الإدراك نفس الحصول لقابل مشروط بشرط مخصوص ، فإنّا لو قلنا : الغنى : حصول مال عند ما من شأنه أن يحصل له مال ، لا يلزم منه أن يكون الجماد (١) الذي يحصل عنده مال غنيا.» (٢)
واعلم أنّ ما ذكرناه من التقسيم لا يتأتى معه شيء من هذا الكلام البتة ، وإذا كان بين الماهية المعقولة والصورة العقلية اثنينية بالنوع لم تكن مساوية لها.
ثمّ قوله : «الجدار غير قابل» ضعيف ؛ لأنّه قابل للحصول فيه ، وإلّا لم يتصف به ، وليس قابلا للتعقل فتغايرا. وحدّ الغنى لم يحصل في الجماد لأنّه لم يحصل له وإن حصل عنده ، فلهذا لم يتحقق الغنى فيه. أمّا الجدار فإنّ حدّ التعقل ـ وهو الحصول ـ ثابت فيه. وإن قيدت الحصول بأنّه حصول عند ما من شأنه أن يعقل ، سألناكم عن معنى قولكم : «أن يعقل» ، فإن كان هو الحصول لزم التكرار ، وأن يكون الجماد عاقلا ، وإن كان معنى غيره ثبت التغاير بين التعقل والحصول وهو المطلوب.
__________________
(١) وفي المصدر : «الحمار».
(٢) نقد المحصل : ١٥٦ ـ ١٥٧.