وأجيب أيضا : بأنّ المعدوم لو لم يكن معلوما لكان تخصصه باللامعلومية يستدعي تصوّره ، لأنّ ما لا يتصوّر لا يصح الحكم عليه.
وأجيب أيضا : بأنّ المعدوم المتصور ثابت في الذهن ، ولا استبعاد في أن يكون المعدوم في الخارج ثابتا في الذهن.
اعترض بأنّ الثابت في الذهن أخص من مطلق الثابت ، فيكون المعدوم هنا ثابتا ، وكلامنا في مقابل مطلق الثابت ، وهو العلم بغير الثابت مطلقا ، وليس كلامنا في ثابت خاص. ولأنّ الثبوت الذهني مشكل ؛ لأنا إذا علمنا أنّ شريك الله تعالى معدوم ، فحضور الشريك في الذهن محال ، لأنّ الشريك هو الذي يجب وجوده لذاته ، والحاضر في الذهن ليس كذلك.
لا يقال : الحاضر في الذهن تصور الشريك لا نفس الشريك.
لأنّا نقول : فيعود الاشكال لأنّ البحث إنّما وقع عن متعلق هذا التصور ، فإنّه إن كان نفيا محضا فكيف حصل التميّز؟ وإن كان ثابتا فثبوته إما في الذهن أو في الخارج ، وفيه ما مرّ.
قال أفضل المحققين : المعدوم في الخارج ثابت في الذهن من حيث هو موصوف بالمعلومية ، وهو محكوم عليه من الحيثيّة المعلومة بالثبوت الذهني وليس بين الحكمين تناقض ؛ لأنّ موضعهما ليس شيئا واحدا ، وهكذا غير الثابت المطلق الشامل للخارجي والذهني محكوم عليه بالثبوت من هذه الحيثيّة ، ومسلوب عنه الثبوت مع عدم اعتبار هذه الحيثيّة.
وقوله : «شريك الباري تعالى هو الذي يجب وجوده لذاته ، والحاضر في الذهن ليس كذلك» ، فالجواب أنّ مفهوم الشريك هاهنا يشتمل على مماثلة بين متغايرين ، وذلك يوجب الاشتراك من حيث المماثلة وامتناع الوجود من حيث مغايرته لذات الله تعالى. والموصوف بالامتناع محكوم عليه بسلب الوجود الخارجي من حيث ثبوت هذا الوصف العنواني له في الذهن ، وغير محكوم عليه من غير