فوجب أن يكون محلها كذلك لامتناع ثبوت الحالّ بدون محله.
ولا يجوز أن تكون هذه الصور مرتسمة في واجب الوجود تعالى لامتناع تكثره ، بل هو جوهر مجرد تتمثل فيه جميع المعقولات.
والاعتراض (١) : لا يلزم من اشتراك العلم والجهل المركب في الوجود الذهني واختلافهما في المطابقة واللامطابقة أن يكون للصورة العلمية متعلق ثابت في الخارج عن أذهاننا ، بل تكفي مطابقتها لمتعلقها سواء كان متعلقها ثابتا في الذهن أيضا (٢) ، كحكمنا بأنّ العلم والجهل المركب لهما وجود في الذهن ، أو ثابتا في الخارج ، كحكمنا بأنّ النار حارة ، أو ليس ثابتا في واحد منهما ، كحكمنا بأنّ شريك الباري ممتنع الوجود في نفس الأمر.
لا يقال : امتناع شريك الإله معلوم فهو موجود في الذهن ، فكيف حكمتم بأنّه ليس في الذهن ، ولا في الخارج؟
لأنا نقول : حكمنا شريك الإله ممتنع الوجود في نفس الأمر ، متعلّقه ليس شيئا في الذهن فإنّا لم نحكم في الحكم على شيء ذهني أنّه في الذهن حالة كذا مثل ما حكمنا في حكمنا بأنّ العلم والجهل المركب لهما وجود في الذهن على شيء ذهني هو العلم والجهل بأنّ الوجود الذهني ثابت له ، وإنّما حكمنا بقولنا شريك الإله ممتنع الوجود على الشيء في نفس الأمر. ولما لم يكن متعلقه شيئا ذهنيا صح أنّ متعلقه ليس موجودا في الذهن ، بل الموجود في الذهن نفس هذا الحكم لا متعلقه ، ولا شك في وجود جميع الأحكام في الذهن (٣) ، إنّما الكلام في متعلقاتها.
فالعلم يجب أن يكون مطابقا لمتعلقه ، أي حال الشيء في نفسه ، فإن (٤) كان
__________________
(١) من المصنّف على جواب الطوسي.
(٢) ق : «هنا».
(٣) ق : «في الذهن» ساقطة.
(٤) ق : «وإن».