حكم المزاج من جنس هذه الكيفيات ، إلّا أنّه يكون أضعف من أحكامها إذا كانت صرفة قوية.
ولما لم يكن تأثير القدرة من جنس تأثير هذه الكيفيات عرفنا أنّها مغايرة للمزاج ، بل هي كيفية تابعة للمزاج.
وقيل (١) : إن كان المرجع بالقدرة في حقّنا إلى سلامة الأعضاء ، فهو معقول (٢) ، وهذا قول معتزلة بغداد (٣). وإن كان إلى أمر وراء السلامة المذكورة ، ففيه النزاع.
لكن الأشاعرة والمعتزلة المثبتون (٤) أثبتوا صفة زائدة على سلامة الأعضاء.
واحتجوا عليه بأنّ حركة المختار متميزة عن حركة المرتعش ، ولا مائز إلّا هذه الصفة(٥).
ولأنّ القدرة محتاجة إلى الحياة والحياة محتاجة إلى الصحة ، فلا يمكن جعلها نفس الصحّة.
اعترض عليهم (٦) : بأنّه متى يثبت هذا الامتياز (٧) ، قبل الاتّصاف بالفعل ،
__________________
(١) القائل هو الرازي. راجع تلخيص المحصل : ١٦٣.
(٢) ق : «فهي معقولة».
(٣) أمثال : «بشر بن المعتمر» و «ثمامة بن أشرس» و «غيلان» كما في مقالات الإسلاميين : ٢٢٩.
وبه قال الشيخ المفيد حيث قال : «والاستطاعة في الحقيقة هي الصحّة والسلامة ، فكل صحيح فهو مستطيع ...». تصحيح الاعتقاد : ٦٣.
وقال الخياط أيضا : «إنّ القدرة هي صحّة الجوارح وسلامتها من الآفات». الانتصار : ٨٠. راجع أيضا شرح الأصول الخمسة : ٣٩٢.
(٤) منهم : «أبو الهذيل» و «معمّر» و «المردار» كما في مقالات الإسلاميين : ٢٢٩.
(٥) عبّر التفتازاني عن هذه الحجة بالوجدان. شرح المقاصد ٢ : ٣٥٠.
(٦) راجع المصدر السابق من الرازي.
(٧) كذا في تلخيص المحصل ، وفي المخطوطة : «الاختيار».