وغير متساو عند اعتبار أحدهما.
ومتقدّموهم جوزوا صدور أحد الطرفين من المختار من غير ترجح أحدهما على الآخر ، وأوردوا أمثله الجائع والعطشان والهارب ، إذا حضرهم رغيفان متساويان ، أو قدحان متساويان ، أو طريقان متساويان ، فإنّهم يختارون أحدهما من غير مرجح (١).
والذين لا يجوزون ذلك يقولون : الرجحان شيء ، والعلم بالرجحان شيء ، ولعله يختار أحدهما لوجود الرجحان وإن لم يفطن بالرجحان.
ومتأخروهم قالوا : بوجوب الرجحان ، وقال بعضهم : بأنّ الطرف الراجح يكون أولى ولا ينتهي إلى حدّ الوجوب ، وهو اختيار محمود الملاحمي (٢). وأنكر بعضهم كون الأولوية كافية لما مرّ في خواص الممكن.
أبو الحسين وأصحابه (٣) قالوا : عند الداعي يجب الفعل وعند عدمه يمتنع ، وذلك لا ينافي الاختيار ، فإنّ معنى الاختيار هو : أن يكون الفعل والترك بالقياس إلى القدرة متساويين ، وبالقياس إلى الداعي وعدمه ، إما واجبا ، أو ممتنعا. ومن عدم التمييز بين الأمرين في هذه المسألة يحدث الاختلاف الجاري بين القائلين بالإيجاب والاختيار (٤).
__________________
(١) راجع كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد : ١٦١ ـ ١٦٤.
(٢) وهو محمود بن الملاحمي أحد تلاميذ أبي الحسين البصري ، له كتاب المعتمد الأكبر ، (طبقات المعتزلة : ١١٩).
وانظر إبطال القول بالأولوية في أصول الدين للرازي : ٨٦ ؛ كشف الفوائد : ٢٣٧ و ٢٣٩ ؛ الأسفار ١ : ١٩٩ ـ ٢١٥ و ٢٢١ ـ ٢٣٠.
(٣) ج : «الحسين وأصحابه» ، ق : «أصحاب الحسين» ، والصحيح ما أثبتناه وفقا لتلخيص المحصل : ١٦٤.
(٤) نفس المصدر : ١٦٤ ـ ١٦٥.