وتتساوى نسبتهما إليه بحسب إرادة ترجح أحدهما على الآخر. ولها أربعة مبادئ.
الأوّل : المبدأ البعيد لها : وهي القوى المدركة ، وتلك القوى المدركة ، إمّا الخيال أو الوهم في الحيوان ، وإمّا العقل العملي بتوسّطهما في الإنسان.
الثاني : قوة الشوق : فإنّها تنبعث عن القوى المدركة وتتلوها. وتنشعب (١) إلى شوق نحو طلب ، إنّما ينبعث عن ادراك الملائمة في الشيء اللذيذ أو النافع ، ادراكا مطابقا أو غير مطابق وتسمّى شهوة. وإلى شوق نحو دفع وغلبة إنّما ينبعث عن ادراك منافاة (٢) في الشيء المكروه أو الضارّ ويسمّى غضبا.
ومغايرة هذه القوة (٣) للقوى المدركة ظاهرة ، لأنّه ليس في تلك القوى ترجّح لأحد الطرفين بخلاف هذه. وكما أنّ الرئيس في القوى المدركة الحيوانيّة هو الوهم ، كذا الرئيس في القوى المحرّكة هو هذه القوة (٤).
الثالث : الإجماع : وهو تال لقوة الشوق ، ومعنى الإجماع هو العزم الذي ينجزم بعد التردد في الفعل والترك ، وهو المسمّى بالإرادة والكراهة. وهو مغاير للقوة الشوقية ؛ لأنّ كل واحد منهما يوجد بدون صاحبه ، فإنّ الإنسان حال مرضه يريد تناول الدواء وهو لا يشتهيه ، ويكره تناول الغذاء وهو يشتهيه. وعند وجود هذا الإجماع يرجّح أحد طرفي الفعل أو الترك على صاحبه ـ اللّذين تتساوى نسبتهما إلى القادر عليهما ـ ترجحا مانعا من النقيض.
الرابع : القوة العضلية المنبثّة في مبادئ العضل المحرّكة للأعضاء ، وهي مغايرة لسائر المبادئ السابقة ، لأنّ الإنسان العاجز قد يشتاق إلى الشيء ويعزم عليه وهو غير قادر على تحريك أعضائه ، والقادر على التحريك قد لا يشتاق ولا
__________________
(١) في المخطوطة : «تنبعث» والصحيح ما أثبتناه طبقا للسياق ولشرح الاشارات.
(٢) في المخطوطة : «ملاقاة» ، والصحيح ما أثبتناه طبقا للسياق ولشرح الاشارات.
(٣) و (٤) في المخطوطة : «القوى» ، وما أثبتناه من شرح الاشارات.