ثانيا : قوله : «تصدر عنها الأفعال من الموضوع لها سليمة» ، كلام غير منتظم ، فإنّ قوله : تصدر عنها الأفعال ، مشعر بأنّ المبدأ هو الحال والملكة ، ثمّ قوله : من الموضوع، مشعر بأنّ مبدأ الأفعال هو الموضوع ، وبينهما تناف.
ثالثا : انّه قدم الملكة على الحال ، مع أنّ الوصف يكون حالا أوّلا ، ثم يصير ملكة.
رابعا : السليم هو الصحيح فتحديد الصحّة به يكون تحديد الشيء بنفسه.
والجواب عن الأوّل : أنّه لا مخالفة ذاتية بين الحال والملكة ، بل المخالفة في أمر عرضي زائد على الحقيقة ، وهو رسوخ الكيفية وعدم رسوخها ، وذلك راجع إلى طول اللبث وقصره ، والخلاف في زمان البقاء طولا وقصرا لا يؤثر في المخالفة الذاتية ، فلا يلزم من الشكّ في اندراج الصحّة تحت الحال أو الملكة شكّ في شيء من مقومات الصحّة ، بل في بعض عوارضها ، ويصير تقدير الكلام : الصحّة كيفية نفسانية ، سواء كانت راسخة أو زائلة ، ويكون موضوعها كذا. أو نقول ليس المراد ب (أو) الشك ، بل ما يصدق عليه أحدهما.
وعن الثاني : ليس الفاعل للأفعال الصحّة ، بل الموصوف بها وهو الصحيح ، فإنّه إنّما يمكنه فعل تلك الأفعال لقيام الصحّة به ، فالصحّة وصف لأجله تصدر الأفعال عن موضوعها سليمة. وهذه الدقيقة اعتبرها الشيخ في الحدود الثلاثة التي ذكرها للصحّة.
وعن الثالث : أنّ سبب تقديم الملكة في اللفظ لأنّها غاية الحال ، والغاية متقدمة. أو لإجماعهم على أنّ الملكة صحّة واختلفوا في الحال ، فقدم المتّفق.
وعن الرابع : أنّ الصحّة في الأفعال أمر محسوس وفي البدن غير محسوس ، وتعريف غير المحسوس بالمحسوس جائز.
وأمّا قوله في التعريف الثاني : «الصحّة هيئة بها يكون بدن الإنسان في مزاجه