الماهية التي هي أوّل الموضوعات والملزومات مستقلة بنفسها أو متقدمة بذاتها على اللوازم وامتناع كون المضافين كذلك ، بل أن يكون المعقول المحتاج إلى تعقل غيره لا يتقرر ذهنا ولا خارجا إلّا لأجل وجود ذلك الغير بإزائه ، كالأخ فإنّ ثبوت الأُخوة لأحد الأخوين إنّما يتقرّر ذهنا لكون الأخ الآخر كذلك. فإذن الاخوة لأحد الأخوين هو اعتبار الشخص من حيث له أخ بهذه الصفة. وقد سبق الفرق بين الإضافة والنسبة من وجوب الانعكاس في الإضافة دون النسبة.
إذا ثبت هذا فنقول : كلّ واحد من المضافين المشهورين إمّا أن يدل اسم كلّ واحد منهما على (١) ما له من الإضافة بالتضمن ، كالأب والابن ، فانّ لفظ الأب يدل على شيء ما له الأُبوة ، فتكون دلالتها على الأُبوة بالتضمن ، وكذا لفظة الابن. أو يكون اسم أحدهما يدل على ما له من الإضافة دون الآخر ، وهو قسمان ؛ لأنّ الدال بالتضمن على ما له من الإضافة إمّا أن يكون هو اسم المضاف ، كالجناح فانّه مضاف إلى ذي الجناح ، ولفظة الجناح دالّة بالتضمن على الإضافة إلى ذي الجناح ، وأمّا ذو الجناح فانّه يدل على ما له من الإضافة لفظة «ذو» ، أو بالعكس ، كالعالم فانّه هو المضاف إليه العلم ، ولفظة العالم دالّة بالتضمن على ذلك ، وأمّا العلم وهو المضاف ، فإنّما (٢) يدل على ما له من الإضافة حرف يقترن به ، وهو اللام في قولك : العلم علم للعالم.
__________________
(١) ق : «دالا على».
(٢) ج : «فلا» وهو خطأ.