وأمّا الوسائط فقد تكثر إلّا أنّها تكون جملتها في أنها وسط كشيء واحد ، ثمّ لا يكون للكثير حدّ توقف عنده ، فحصول المبدئية والنهاية والوسط ، نهاية التمام ، وأقل عدد يوجد فيه ذلك الثلاثة.
الثاني : المقادير ، يقال إنّها تامة ، كما يقال فلان تام القامة ، وإذا كانت تلك أيضا محدودة ؛ لأنّ المقادير إنّما تعرف بالتحديد الذي يلزمه التقدير.
الثالث : الكيفيات والقوى ، يقال لها تامة ، كما يقال فلان تام القوة وتام الحسن وتام الخير.
الرابع : الحكماء يريدون بالتام هو أن تكون جميع كمالات الشيء حاصلة له بالفعل ، وربما شرطوا في ذلك أن يكون وجوده وكمالات وجوده حاصلة له من نفسه لا من غيره ، فإن كان الشيء كذلك ثمّ إنّه يكون مبدأ لكمال غيره ، فهو فوق التمام ؛ لأنّ منه الوجود الذي له وفضل ، عنه وجود غيره. وليس في الوجود شيء هو كذلك إلّا واجب الوجود. فالتام الذي هو فوق التمام هو واجب الوجود تعالى. أمّا العقول التي يثبتونها ، فهي تامة بالتفسير الأوّل ، وغير تامّة بالتفسير الثاني ، فإنّ الممكنات معدومة في حدّ ذواتها.
وأمّا الذي دون التمام فهو قسمان :
المكتفي وهو : الذي أعطي ما به يتمكن من تحصيل كمالاته ، كالنفس الفلكية (١). فإنّها ابدا في اكتساب الكمالات ولا تصير كمالاتها بالكلية حاضرة.
والناقص وهو : الذي يحتاج إلى غيره يفيده الكمال ، كالأشياء التي في الكون والفساد.
__________________
(١) قال صدر المتألهين : «وكذلك حال نفوس الأنبياء عليهمالسلام ؛ لأنّهم أيضا مكتفون حيث أعطاهم الله ما به تمكنوا من تحصيل كمالاتهم وقرباتهم من الله» ، الأسفار ٤ : ٢١٥.