لذلك ، لا بسبب أنّ الساق والرأس إنّما يتخالفان بالعدد فقط بل هما متخالفان أيضا في المعنى والطبيعة ، فإذا كان الحدان اثنين متخالفين وبينهما غاية الخلاف وموضوعهما واحد ، فهما متضادان. وأمّا هنالك فإنّها كانت (١) تتخالف الخصوصية الجزئية دون الحدود ، إذ كان سطح ما منه «فوق» فصار «تحت» ، وصار الآخر «فوق». وذلك السطح إنّما يغاير السطح الآخر بالعدد مغايرة ليست في حدين ، والأضداد هي التي لها طبائع متباينة وحدودها متخالفة ، وتتخالف بالنوعية لا بالشخصية. وكما أنّ الجسم لا يجتمع فيه البياض الحادث أمس ، من حيث هو ذلك البياض الأمسي ، والبياض الحادث اليوم ، من حيث هو هذا البياض ، وهما يتعاقبان على موضوع [واحد] (٢) وليسا يتضادان ، إذ ليس بينهما غاية الخلاف ، ولا خلاف بأمر داخل في اللونية ، فكذلك ؛ وإن كان لا يجتمع فيه ذلك الوضع الشخصي (٣) ويتعاقبان فيه ، فليسا بمتضادين ، إذ ليس بينهما غاية الخلاف في الطبع وفي حقيقة الوضع» (٤).
وفيه نظر ، فإنّ الوضع متضاد بالاعتبار تضاد النسب ، لا باعتبار اختلاف أحد المضافين ، كما أنّ الحركات تتضاد بتضاد المقصد وإن اتحد الموضوعان بالنوع ، فكذا الوضع فانّه لا مدخل لموضوع الوضع اختلافا واتّفاقا في اختلاف هيئة الوضع واتّفاقها.
__________________
(١) في المصدر : «فإنّما كان».
(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٣) في المصدر : «ذلك الوضع الشخصي وهذا الوضع الشخصي».
(٤) الفصل السادس من قاطيغورياس (مقولات) الشفاء ١ : ٢٣٣ ـ ٢٣٥. أنظر أيضا التحصيل : ٤١٥.