به يماس الشيء غيره لا يكون عدما صرفا ، فلا يخلو إمّا أن تكون متحيزة بالاستقلال أو بالتبعية ، لامتناع تجردها مع قبولها الاشارة وثبوت الوضع لها. وكونها نهاية لذي الوضع فإن كان الأوّل ، فالمطلوب ، وإن كان الثاني ، فمحلّها إمّا أن يكون منقسما أو لا ، والأوّل محال ، وإلّا وجب انقسامها ؛ لأنّ الحالّ في المنقسم منقسم للبرهان السابق ، ولاتّفاق الفلاسفة عليه حيث بنوا عليه حجّتهم في إثبات النفس الناطقة ، وإثبات أنّ القوة الجسمانية لا تقدر على أفعال غير متناهية. والثاني ، إن كان ذلك المحل جوهرا فهو المطلوب ، وإن كان عرضا نقلنا الكلام إليه ، فإمّا أن يتسلسل أو ينتهي إلى محلّ جوهري غير منقسم ، وهو المطلوب.
قال أفضل المحقّقين : «الخصم قسّم الأعراض إلى السارية في محالّها وإلى غير السارية ، ويعدّ النقطة من غير السارية. ويقول : إنّ غير السارية لا يجب انقسامها بانقسام محلّها»(١).
وفيه نظر ، فإنّ مفهوم غير الساري هو الذي لا يشيع في جميع أجزاء المحل بل يوجد في بعضها ، فلننقل الكلام إليه.
قيل : إنّها عدمية ، لأنّها عبارة عن نهاية الخط ، ونهاية الشيء عبارة عن فنائه وعدمه وانقطاعه ، وعدم الشيء لا يكون ثابتا.
أجيب بوجهين :
الأوّل : النقطة على ما مرّ مشار إليه ذو وضع به يتناهى الخط بالفعل وذلك يدل على وجودها.
الثاني : للحركات المحسوسة بداية ونهاية ، فالأمر الذي يقع فيه ابتداؤها وانتهاؤها لا بدّ وأن يكون موجودا بالفعل ، فهو إمّا منقسم أو لا. والأوّل باطل ،
__________________
(١) نقد المحصل : ١٨٤.