الوجه الثاني عشر : التفاوت حاصل بين الكبير والصغير ، وإنّما يحصل ذلك بكثرة أجزاء الكبير وقلّة أجزاء الصغير ، فلو كانت أجزاء الكبير والصغير غير متناهية لوجب تساوي جميع الأجسام في الحجم ؛ فإنّ ما لا يتناهى لا يقبل الأقل والأكثر.
واعترض (١) بأنّهما يتساويان في العدد لا في المقدار ، فأجزاء الخردلة غير متناهية وكذا أجزاء الجبل ، لكن أجزاء الخردلة أصغر من أجزاء الجبل ، وهذا كما لو ضعّفنا الجبل مثل تضعيف الخردلة فانّهما تتساويان في عدد التضعيف لا في مقداره.
الوجه الثالث عشر : لو كان الجسم قابلا لانقسامات غير متناهية لحصلت فيه بالفعل ، والتالي باطل ، فالمقدم مثله.
بيان الشرطية : أنّ اختلاف المماستين يوجب الانقسام بالفعل فيما يقبل الانقسام ، واختلاف المماسات حاصل أبدا ، لأنّ كلّ جزء يفرض فإنّه يلاقي بأحد جانبيه شيئا غير ما يلاقيه بالجانب الآخر منه ، فلو كان قبول الانقسام لا إلى نهاية لكان السبب القابل والسبب الفاعل لتلك الانقسامات الغير المتناهية حاصلين (٢) ، فيجب حصول تلك الانقسامات. وأمّا بيان امتناع ذلك فلما بيّنا أنّ ذلك ينافي وجود الجزء الواحد وما ينافي وجود الواحد ينافي وجود الكثرة ، فإذن يجب أن تكون الكثرة حاصلة وأن لا تكون ، هذا خلف.
الوجه الرابع عشر : ما تقدم أوّلا في وجود النقطة ، وهو أنّ الجسم متحرك بالمشاهدة بعد أن لم يكن متحركا ، فالموضع الذي وقع فيه مبدأ الحركة من المسافة إن انقسم استحال أن يكون كلا قسميه مبدأ ؛ لأنّ الجسم الواحد لا يتحرك دفعة
__________________
(١) المعترض هو ابن سينا في نفس المصدر : ١٩٩.
(٢) في النسخ : «حاصلان» ، أصلحناها طبقا للسياق.