تتناهى ، كمقطع نصف النصف وربعه وثمنه ونصف ثمنه إلى ما لا يتناهى ، وإذا كان لكل واحد من المقاطع الممكنة خاصّية بالفعل لا توجد لغيره وعندهم أنّ الاختصاص بالخواص المختلفة يقتضي الانقسام بالفعل ، وجب حصول الانقسامات بأسرها بالفعل.
وكذا مركز الدائرة إنّما يصحّ في موضع واحد ، وهو موضع مقاطع الأقطار ، فإمكان حصول المركز في الدائرة بالفعل حاصل قبل التقاطع والحركة والفرض ، وهذا الإمكان يوجب امتياز ذلك الموضع عن سائر المواضع. وكذا جميع النقط التي لا تتناهى ، فيلزم الانقسام الغير المتناهي بالفعل ، أو إبطال قولهم «اختلاف الأعراض يوجب الانقسام».
قال أفضل المحقّقين : «هذا كلّه فرض ، والفرض لا يرتفع بارتفاع اسمه مع ثبوت معناه ، بل يرتفع بأن لا يفرض. والدائرة إن لم يفرض فيها شيء لم يلزمها شيء ممّا ذكر ، وهذا حكم عام في المقادير ؛ فإنّ الخط المتناهي له منتصف ولنصفه منتصف وهلم جرا ، وهي متمايزة في نفسها عن سائر أجزاء الخط إلّا أنّها تمتاز بالفرض ، ولا يرتفع بأن نقول : إنّها لازمة وإن لم تفرض ، لأنّ تصور المنتصف فرض ، فضلا عن التلفظ به. وبالجملة الأجزاء المفروضة لا تستتبع الخواص ، لأنّ تغاير الخواص اللازمة من الفرض لا يقتضي الانقسام الموجود بالفعل مع عدم الفرض» (١).
وفيه نظر ، لأنّ من مذهبهم أنّ كلّ حادث فهو مسبوق بإمكان يفتقر فيه إلى محلّ يحلّه ، ولا شكّ أنّ المركز والمنتصف وغيره من المقاطع قد يحدث قبلها إمكان سابق لا بدّ له من محلّ وذلك الإمكان لا يمكن أن يعرض (٢) لغير ذلك المنتصف
__________________
(١) نقد المحصل : ١٨٧.
(٢) ق : «يفرض».