الواحد من حيث هو واحد لا ينقسم. فإذن قد تحصل من أقوالهم مقدّمتان هما : أنّ الجسم يشتمل على أشياء غير منقسمة ، وكلّ ما يشتمل عليه الجسم ولا يكون منقسما فإنّه لا يقبل القسمة ، ينتج : الجسم يشتمل على أشياء لا تقبل القسمة. وهذا هو القول بالجزء الذي لا يتجزأ ، وقد لزمهم وإن لم يصرحوا به ، إلّا أنّ القائلين بالجوهر الفرد يقولون بأجزاء متناهية وهؤلاء يذهبون إلى ما لا يتناهى ، فهؤلاء كادوا أن يقولوا بهذا التأليف لكن من أجزاء غير متناهية» (١).
قال الشيخ (٢) : «وقد تناظر الفريقان ، فلمّا ألزم أصحاب الجوهر الفرد النظّام ومن تقدمه ممن دان بمقالته وجوب قطع مسافة محدودة في زمان غير متناه ، ارتكبوا القول بالطفرة. ولمّا ألزموهم وجوب كون المشتمل على ما لا يتناهى غير متناه في الحجم ، جوّزوا تداخل الأجزاء. ولما ألزم النظام وأصحابه أصحاب الجوهر الفرد تجزئة الجزء القريب من مركز الرحى عند حركة البعيد وقطعة مسافة مساوية لجزء واحد لكون القريب أبطأ منه ، ارتكبوا القول بسكون البطيء في بعض أزمنة حركة السريع ، ولزمهم من ذلك القول بانفكاك الرحى عند الحركة فاستمرّ التشنيع من (٣) الفريقين بالطفرة والتداخل وتفكك الرحى» (٤).
إذا عرفت هذا ، فنقول : تدل على بطلان قول النظام وجوه (٥) :
الأوّل : كلّ كثرة سواء كانت متناهية أو غير متناهية ، فإنّ الواحد فيها
__________________
(١) شرح الإشارات ٢ : ٢٠.
(٢) في المصدر نفسه : «قيل» بدل «قال الشيخ».
أقول : وإنّما قال الشيخ بمضمون هذه العبارات في الفصل الثالث من المقالة الثالثة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء. والعبارات نفسها هي للطوسي.
(٣) في المصدر : «بين».
(٤) شرح الإشارات ٢ : ٢٠ ـ ٢١.
(٥) راجع المصدر نفسه : ٢٢ ؛ المطالب العالية ٦ : ٧٢ ؛ مناهج اليقين : ٢٩.