الطبيعة ، أمّا على تقدير الاختلاف في الطبيعة فلا.
وأيضا كلّ متحيز يفرض فيه طرفان يتميز كلّ واحد منهما عن الآخر في الوهم ، فالتحام النصفين أعني الاتصال الذي حصل بين النصفين بحيث يمتنع ارتفاعه ، إن كان لنفس الماهية والطبيعة وطبيعة ذلك الجزء مساوية لماهية سائر الأجزاء ، فوجب إمكان أن يتصل بجزء آخر مثل ما اتصل أحد نصفيه بنصف الثاني ، وأن يصحّ على النصفين من الانفصال مثل ما أمكن بين الجزءين. وكذا إن كان من اللوازم. وإن كان من العوارض أمكن ارتفاعه ، وحينئذ لا يبقى وجوب ذلك الاتصال ، اللهم إلّا إذا كان يمتاز عن سائر الأجسام بفصل مقوّم لطبيعة نوعه ، فحينئذ يكون نوعه في شخصه.
وأيضا كلّ واحد من تلك الأجزاء إذا كانت طبيعة واحدة كان شكله الكرة ؛ لأنّه الشكل الطبيعي للبسيط ، وحينئذ تحصل بينهما فرج ، وذلك الخلاء (١).
واعلم : أنّ كلّ نوع غير (٢) مادي مستلزم لما يمنعه من الانفصال بحسب الطبيعة ، فمن المستحيل أن تتعدد أشخاصه في الوجود ، أي لا يكون في الوجود منه إلّا شخص واحد ؛ لأنّه لو وجد منه شخصان لكانا متساويين في الماهية وكان كلّ واحد منهما قابلا للانفصال الانفكاكي الحاصل بينهما مع وجود المانع عنه ، هذا خلف. وهذا حكم كلي نافع (٣).
اعترض أفضل المتأخرين : بأنّ الامتدادات الجسمية غير باقية عند الانفصال ومتجدّدة عند الاتصال ، فهي أمور مشخصة ، ولعلها تمنع الماهية المشتركة عن فعلها (٤).
وأجاب أفضل المحقّقين : بأنّ وقوع الاختلاف بسبب الموانع ممكن (٥).
__________________
(١) أنظر البرهانين الأخيرين في المباحث المشرقية ٢ : ٣١.
(٢) «غير» ساقطة في ق وشرح الإشارات ، وأثبتناه من ج.
(٣) و (٤) و (٥) شرح الإشارات ٢ : ٥٧ ـ ٥٨.