بعض في النفس وتتعاضد ، فإنّ النفس الخالية عن جميع العلوم يكون تصورها لشيء من الحقائق شاقا شديدا ، وكلما ازداد ارتسام الأشياء فيها وتكثرت علومها ازداد استعدادها للباقي.
ثانيا : الصور الخارجية إذا حلّت في مادة وكانت عظيمة لم تكن المادة صغيرة ، فإنّ العظيم من الصور المادية لا تحل في مادة صغيرة ، والصور الذهنية بالعكس ، فإنّ قبول النفس للعظيم منها مساو لقبول الصغير ، ولهذا تمكنت النفس من تخيل السماوات والأرض والجبال والبحار حيث لم تكن للنفس مادة ولا للصورة مقدار في ذاتها بل لغيرها ، فنسبة القوة العقلية إلى جميع التقادير واحدة.
ثالثا : الكيفية الضعيفة إذا طرأ عليها الكيفية القوية في المادة عدمت الضعيفة ولم يبق لها أثر البتة ، بخلاف الصور العقلية النفسانية ، فإنّ القوي لا يزيل الضعيف بل يجامعه.
رابعا : الكيفيات المادية محسوسة ؛ فإنّ الحرارة الخارجية في النار محرقة لما يلاقيها ، والبرودة في الثلج مبردة ، بخلاف الصور العقلية فليس من تصور الحرارة بصورة مساوية للحرارة يحترق ذهنه ، ولا في تصور البرودة يبرد ذهنه. فالعقل لا يحكم على الصور الذهنية أنّها حينما يكون في الذهن محرقة أو مبردة ، بل أنّها أمور متى وجدت في الأعيان كانت محرقة أو مبردة.
خامسا : الصور العقلية بعد حصولها لا يجب زوالها بل تبقى ببقاء النفس دائما ، ولو زالت لم يحتج في استرجاعها إلى تجشّم كسب جديد ، بخلاف الصور المادية فإنّها واجبة الزوال لاستحالة بقاء القوى الجسمانية أبدا ، وإذا زالت افتقر استرجاعها إلى تجدّد السبب الأوّل.