والتقدم بالعلية أخص من التقدم المطلق ، ولا يلزم من نفي الخاص نفي العام ، فلعلّ الجسمية وإن لم تكن متقدمة عليهما بالعلية لكنّها متقدمة عليهما بالطبع ، كتقدم الواحد على الاثنين أو كتقدم أجزاء الماهية المركبة على خواص تلك الماهية واعراضها اللازمة والزائلة وإن لم يكن شيء من تلك الأجزاء علة لشيء من تلك العوارض (١).
أجاب أفضل المحقّقين : بأنّ هذا البيان يفيد تأخر الشكل عن ماهية الصورة ، والصورة من حيث الماهية لا تتعلق بالتناهي والتشكل ، بل إنّها لا تنفك عنهما من حيث الوجود فقط ، ومعناه أنّ الصورة المتشخصة محتاجة في تشخصها إليهما ، ولا يبعد أن يحتاج الشيء في تشخصه إلى ما يتأخر عن ماهيته ، كالجسم إلى الأين والوضع المتأخرين عنه. فإذن التناهي والتشكل غير متأخرين عن الصورة المتشخصة (٢) من حيث متشخصة وإن كانا متأخرين عن ماهيتها. وهذا القدر كاف في هذا الموضع (٣).
المقدمة الرابعة : التناهي والتشكل من توابع المادة ، لما مرّ.
وإذا تقررت هذه المقدمات الأربع ، فنقول : الهيولى متقدمة على التناهي والتشكل ، وهما إمّا متقدمان على الجسمية أو موجودان معها ، فالهيولى متقدمة إمّا على المتقدّم على الصورة أو على ما مع الصورة ، وعلى التقديرين فالهيولى تكون متقدمة على الصورة ، فلو كانت الصورة علّة أو واسطة مطلقة في وجودها لزم تقدمها على الهيولى المتقدمة عليها ، وهو محال.
الرابع : الصورة الجسمية عند ورود الانفصال عليها تتبدل ، وكذا سائر
__________________
(١) وقال : «فهذا ما عندي في هذه المقدمة» شرح الإشارات ٢ : ١٢٩.
(٢) في المصدر : «المشخصة».
(٣) المصدر نفسه : ١٢٩ ـ ١٣٠.