ولكن في ذلك التأثير يكون غنيا. وفيه نظر.
الوجه الرابع : الصورة حالّة في الهيولى فيستحيل أن يكون جزءا من علّة وجودها ، لأنّ الحالّ محتاج إلى المحلّ فيتأخر عنه فلا يكون جزءا من علّة وجودها ، لأنّ جزء العلّة متقدم على العلّة والعلّة متقدمة على المعلول.
الوجه الخامس : عدم العلّة علّة لعدم المعلول ، والعلّة إذا كانت مجموع شيئين إذا عدم أحدهما لم يبق للعلّة وجود ، وكذا لو عدم أحد قيودها لم تبق العلّة من حيث هي هي ، وإذا زالت العلّة وجب أن يزول المعلول ، فعند زوال الصورة المعينة يجب عدم الهيولى.
وسألت شيخنا أفضل المحقّقين قدّس الله روحه عن هذا الموضع فقال : الذي هو جزء العلّة لا يعدم ، لأنّه ليس الصورة الشخصية التي تفارق المادة وتخلفها بدل ، بل جزء العلّة هي الصورة من حيث هي صورة ، والصورة من حيث هي صورة لا تعدم ، لأنّ كلّ صورة شخصية تعدم فانّه تعقبها صورة أخرى ، فلا تعدم الصورة من حيث هي صورة ، والصورة من حيث هي صورة يمكن أن تكون جزءا من العلّة ولا يمكن أن تكون علّة تامة ، لأنّها تكون علّة تامة في وجود شيء لو كانت موجودة بالضرورة ولا وجود إلّا للشخص.
والحاصل أنّ المؤثر في وجود الهيولى المتعينة هو وجود المفارق ، وهو شيء متعين الذات قبل (١) تعين ذات الهيولى. وأمّا الصورة فإنّها كما عرفت شرائط لوصول شرط المفارق ، والحاجة إلى الصورة ليست من حيث هي تلك الصورة بل من حيث إنّها صورة ، والمعلول المعين الشخصي وإن كان يستدعي علة معينة شخصية ولكن لا يستدعي أن تكون شرائط التأثير أمورا بأعيانها ، فالصورة معتبرة في هذه الشرطية من حيث ماهياتها لا من حيث أشخاصها ، والمتبدّل إنّما هو
__________________
(١) في المباحث : «مثل» ٢ : ٦٤.