الأعيان والشخصيات لا الماهيات (١).
وفيه نظر ، فانّ الكلي الطبيعي موجود في الأعيان فجاز أن يكون علة. ولأنّ لوازم الماهيات لا مدخل لها في العلية.
الوجه السادس : الصورة إذا كانت شريكة لعلة الهيولى كانت متقدمة لكنّها محتاجة إلى الهيولى فتكون الهيولى متقدمة عليها ، فيلزم تقدّم كلّ واحدة منهما على الأخرى ، وذلك محال.
قيل (٢) عليه : المادة متى كانت متقومة بصورة فإنّه عند ذلك (٣) قد تعرض لها من العوارض ما تصير المادة لأجلها مستعدة لقبول صورة أخرى ، فالمادة عند ما تكون علّة موجبة بوجه ما للصورة الحادثة لا تكون محتاجة إليها ولا متقومة بها ، بل تكون متقومة بالصورة السابقة ، وحينما احتاجت المادة إليها لم تكن هي محتاجة إليها في الحدوث ، فانقطع الدور.
لا يقال : هذا إنّما يستقيم لو كانت حاجة الصورة إلى المادة في الحدوث فقط ، فأمّا إذا كانت الحاجة مستمرة بعد الحدوث فالإشكال غير زائل.
لأنّا نقول : الهيولى معينة في ذاتها لتعيّن علّتها ، وهي العقل الفعال ، وقد بيّنا أنّ افتقارها إلى الصورة المعيّنة ليس لتعينها بل من حيث ماهيتها والصورة في ماهيتها غنية عن المادة لكنّها محتاجة إليها في وجودها ، فانقطع الدور لافتراق الجهتين (٤).
وفيه نظر ، فإنّ العلّة كما يجب وجودها ، كذا يجب وجود جزئها. فنقول
__________________
(١) هذا ما قاله الرازي جوابا على الوجه الخامس ، المصدر نفسه.
(٢) والقائل هو الرازي ، المصدر نفسه.
(٣) في المصدر : «عند زوال تلك».
(٤) قال الرازي : «هذا ما يمكن أن يتعسف بقطع هذا الدور مع ضعفه» ، المصدر نفسه.