حينئذ : مطلق الصورة إن كان موجودا أمكن أن يكون علّة تامة ، وإن لم تكن موجودة لم تكن العلّة التامة موجودة لتوقف وجودها على وجودها.
الوجه السابع : قلتم : الصورة ليست علّة مطلقة لاحتياجها إلى المادة ، قلنا : فكذا لا يجوز أن تكون جزءا من العلّة ، بل هذا يكون أولى حينئذ.
اعترض الشيخ على نفسه فقال : «إذا كانت الهيولى محتاجة (١) إليها في أن يستوي للصورة وجود فقد صارت الهيولى علّة للصورة في الوجود سابقة».
وأجاب ب «أنا لم نقض بكونها محتاجة إليها في أن يستوي للصورة وجود ، بل قضينا بالإجمال أنّها محتاجة إليها في وجود شيء توجد الصورة به أو معه» (٢). فانّه ليس كلّ ما احتاج الشيء إليه وجب أن يكون علّة للشيء ، بل قد يكون وقد لا يكون.
اعترض أفضل المتأخرين بأن قال : «أتقول بأنّ الصورة محتاجة إلى الهيولى أم لا تقول؟ فإن قلت بطل قولك : إنّ الصورة شريكة لعلّة الهيولى ، لأنّه يلزم من القولين كون الصورة متأخرة ومتقدمة معا. وإن قلت : إنّ الصورة لا تحتاج إلى الهيولى ، لم تكن الهيولى متقدمة بوجه ما على الصورة ، فبطلت حجتك السابقة» (٣).
أجاب أفضل المحقّقين : بأنّه يذهب إلى أنّ الصورة من حيث هي صورة تكون متقدمة على الهيولى وشريكة لعلّتها ، ومن حيث هي متشخّصة محصّلة في الخارج تكون متأخّرة عن الهيولى ، لأنّ الهيولى هي السبب القابل لتشخّصها وتحصّلها. وهذا هو معنى قوله: «أنا لم نقض بكونها محتاجة إليها في أن يستوي للصورة وجود» ، أي لم نقل هي العلة الموجدة للصورة ، ولا إنّها العلة الفاعليّة (٤)
__________________
(١) في النسخ : «محتاجا» ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) شرح الإشارات ٢ : ١٣٨.
(٣) شرح الإشارات ٢ : ١٣٨.
(٤) في النسخ : «الفاعلة» ، وما أثبتناه من المصدر.