وجودها (١) ، وإلّا لزم خروج الحوادث من تعليقها بالقادر ، ولا يجوز أن يكون الجوهر علّة في الكون. ولأنّه لا اختصاص بإيجاب بعض الألوان دون بعض.
ولا تعلق إيجاب سبب لمسبب ، لأنّه يعود بالبعض على القول باستحالة خلو الجوهر من اللون ، لأنّه كان يجوز أن لا يوجد ما يتولد عنه لعارض ، لأنّ هذا من حقيقة السبب والمسبب. وكان لا يختص بتوليد لون دون لون. وكذا لو جعل اللون مولدا للجوهر ، لأنّه كان لا يختص بتوليده إياه في جهة أولى من غيرها ، بخلاف توليد الاعتماد (٢) ، لأنّه يولد في أقرب المحاذيات من محاذاة محلّه حيث استحال الطفرة على المحال (٣).
المقدمة الثانية : إذا انتفى التعلق بينهما صحّ وجود أحدهما منفصلا عن الآخر والملازمة ظاهرة ، فانّه يجري اللون في الجسم كالجوهر مع الجوهر في جواز انفكاك أحدهما من صاحبه وانفراده عنه حيث انتفى التعلق بينهما.
احتجت الأشاعرة بوجوه (٤) :
الوجه الأوّل : قياس اللون على الكون (٥) ، فإنّه لمّا امتنع خلو الجسم عن الكون اتّفاقا بين الأشاعرة والمعتزلة امتنع خلوه عن اللون قياسا عليه.
الوجه الثاني : العرض قسمان : عرض يصحّ عليه البقاء وهي الأعراض القارة في الحس ، كاللون. وعرض غير قار ، كالأصوات. وقد اتّفق الفريقان على امتناع
__________________
(١) إذ قد ثبت أنّ الوجود في المحدثات بالفاعل. المصدر نفسه : ١٥٧.
(٢) الميل عند المتكلّمين يسمّى اعتمادا ، وهو إمّا إلى الفوق وهو الخفة ، أو إلى السفل وهو الثقل. راجع شرح الإشارات ٢ : ٢٠٨.
(٣) وفي كتاب التوحيد : «لاستحالة الطفر على الجواهر» : ١٥٨.
(٤) ذكرها النيسابوري والجواب عنها في المسائل في الخلاف بين البصريين والبغداديين : ٣٤ (ذكر جملة من أسئلتهم في هذه المسألة والجواب عنها).
(٥) قال الطوسي : «وادّعوا أنّ أبا الحسن [الأشعري] قاس اللون على الكون ...» نقد المحصل : ٢١٢.