خلو الجسم عن النوع الأوّل بعد الاتصاف به. أمّا عند الأشاعرة ، فلإجراء الله تعالى العادة بخلق أمثالها عقيب زوالها. وأمّا المعتزلة ، فلامتناع انتفائها من غير طريان الضد عليها. وإذا امتنع خلو الأجسام عن مثل هذه الأعراض بعد الاتصاف امتنع خلوه عنها قبل الاتصاف بقياس احدى الحالتين على الأخرى.
الوجه الثالث : الجسم لا يرى إلّا على هيئة ، ولا يكون كذلك إلّا بلون.
الوجه الرابع : قد ثبت الفصل بين إدراك الجوهر رؤية وإدراكه لمسا على ما ثبت في التفرقة الحاصلة بين الضرير والبصير ، فإنّ الضرير يدرك لمسا لا رؤية ، وإلّا لوجب فيه إذا أدرك باللمس جسما أن يعرف لونه ، وهذا الفرق إنّما يتم لو كان البصير يراه مع اللون لا محالة.
الوجه الخامس : قياس حال الخلو على حال الاجتماع ، فيقال : إذا استحال وجود هذه الألوان في الجواهر استحال خلوه منها.
الوجه السادس : أنّ عند حدوث اللون يرى على هيئة مخالفة لما تقدم ، فيجب أن يكون في الأوّل على ضدّ هذا اللون.
والجواب عن الأوّل : أنّه (١) قياس خال عن الجامع.
وعن الثاني : أنّه يجوز خلوه عمّا لا يبقى بعد الاتصاف بها عند الأشاعرة ، وأمّا الباقي فانّه لا ينتفي عن المحل إلّا بضدّ ، وامتناع الخلو بعد الاتصاف موقوف على طريان الضد ، وقبل الاتصاف ليس هكذا ، فإن صحّ هذا ظهر الفرق ، وإلّا منعنا الحكم في الأصل ، وقلنا بجواز الخلو بعد الاتصاف وخالفنا الاتّفاق.
وعن الثالث : أنّه استدلال بالشيء على نفسه ، فإنّ الهيئة واللون سواء فمن أين أنّه لا يدرك إلّا كذلك؟ ثمّ إن كان على ما قدّروه فالواجب جواز وجوده ولا
__________________
(١) ق : «أنّه» ساقطة.