قلتم.
لأنّا نقول : كونه فعلا وموجودا من جهة الفاعل سواء ، فكأنّه يقول : يوجده وأن لا يوجده ، أمّا التحيز فإنّه صفة زائدة على الوجود ، فهو مشبه لكون الكلام أمرا أو خبرا.
وإنّما قلنا : كان يصحّ أن يجعله سوادا بدلا من كونه متحيزا ، لأنّ الصفات كلّها عند الخصم مستحقة بالفاعل وليس ثبوت صفة يستحقها الذات بجنسها.
وإنّما أوجبنا صحّة جمعه بينهما ، لأنّه لا منافاة بين هاتين الصفتين ولا ما يجري مجراه ، وإنّما يمتنع كون الشيء على حالتين أو حكمين لتضادهما بأنفسهما أو بواسطة ، فلهذا لم يصحّ في الصيغة الواحدة أن يكون أمرا نهيا أو أمرا تهديدا ، لاستنادهما إلى ضدين ، ولم يمكن في الشيء الواحد أن يكون حسنا قبيحا ، لأنّ فيه ما هو آكد من التنافي ، لأنّ القبيح يقبح لوجه والحسن يحسن لتعرّيه من ذلك الوجه.
لا يقال : كونه متحيزا يصحح وجود البياض فيه وكونه سوادا يحيله فلم يصح اجتماعهما.
لأنّا نقول : تحيزه إنّما يصحح وجود البياض إذا لم يكن مع تحيزه سواد ، فإن حصل كذلك لم يثبت التصحيح. وكما أنّ تحيزه يصحح وجود البياض كذا يصحح وجود السواد.
لا يقال : من حقّ السواد أن يحل ، ومن حقّ المتحيز استحالة الحلول عليه.
لأنّا نقول : إنّما يصحّ حلول السواد إذا لم يكن مع كونه سوادا متحيزا فإن ثبت تحيزه استحال أن يحل.