الحادي عشر (١) : كما قضت الضرورة بامتناع حصول الجوهر في مكانين دفعة ، فكذا يمتنع حصول جوهرين في جهة واحدة ، خلافا لإبراهيم النظام حيث جوز التداخل ، والضرورة تبطله.
واستدل المشايخ بأنّه لو لا ذلك لوجب أن يصحّ منا أن نجعل أحد الجوهرين بجنب الآخر ، لأنّا قادرون على الكونين وليسا بضدين فيمتنع اجتماعهما ، وإذا امتنع ذلك ولا مانع ظهر أنّ المحيل هو أمر راجع إليهما ، فيجب مثله في كلّ قادر ، وكان إذا اختص أحدهما بسواد والآخر ببياض أن نرى اللونان في جهة واحدة. والعلّة في استحالة حصول الجوهرين في محاذاة واحدة هو التحيز عند أبي هاشم ، لأنّا متى علمنا تحيزهما علمنا استحالة وجودهما في محاذاة واحدة ، وإن لم نعلم سواه فكان هو السبب.
وقال أبو علي : السبب تضاد الكونين ، وهو باطل ؛ لأنّ الكونين إذا حصلا في محاذاة واحدة فهما مثلان فكانت يجب صحّة اجتماعهما.
الثاني عشر : منع المشايخ من حركة الجوهر الفرد في مكانه ؛ لأنّ المتحرك إنّما يعقل متحركا إذا حصل في مكان عقيب كونه في مكان آخر وهذا إذا لم يفارق مكانه لم يصح أن يكون متحركا. ولأنّ هذه الحركة لا بدّ من كونها ضدا للسكون الذي كان فيه ومع وحدة المحاذاة لا يصحّ تضاد الأكوان ، لأنّه يبطل طريق العلم بتماثلها.
أمّا من أثبت الحركة في الوضع فهل يمكنه القول بتحرك ما لا ينقسم في الوضع؟ القول فيه مشكوك ، والأصل فيه أنّ الحركة الوضعية إنّما تكون بمفارقة
__________________
(١) راجع مقالات الإسلاميين : ٦٠.