والجواب عن ـ أ ـ أنّ المطلوب هو الشيء المعلوم من وجه دون وجه ، وهو الماهية ذات الوجهين لا الوجهان.
وقيل : لا تجتمع هاتان المقدمتان على الصدق ؛ لاستلزام كلّ واحدة منهما ، مع عكس نقيض الأخرى ، ما يناقض الأخرى ؛ واستلزام عكس عكس نقيض كلّ منهما كذب الأخرى. والاستقصاء فيه مذكور في كتبنا المنطقية.
وعن ـ ب ـ إنّ المعرف مجموع الأجزاء وليس هو نفس الماهية.
قال أفضل المحقّقين : لأنّ الجزء متقدّم على الكلّ بالطبع والأشياء التي كلّ واحد منها يتقدّم على شيء متأخر عنها يمتنع أن تكون نفس المتأخر ويجوز أن تصير عند الاجتماع ماهيّة هي المتأخرة فتحصل معرفتها بها ، كما أنّ العلم بالجنس والفصل وبالتركيب التقييدي متقدّم على العلم بالجنس المقيد بالفصل ، وهي أجزاؤه ، وبها يحصل العلم به. (١)
وفيه نظر ، فإنّه لا يلزم من تقدّم كلّ واحد تقدّم المجموع ، وإلّا لزم تقدّم الشيء على نفسه ، فإنّ كلّ واحد من الأشياء إذا كان متقدما على المجموع لو استلزم تقدّم المجموع لزم ما قلناه.
والقسمة لمجموع الأجزاء ليست حاصرة. واستدلال أفضل المتأخرين باطل ـ بمنع الحصر ـ إن أراد بالداخل بعض الأجزاء ، وذلك لوجود قسم ثالث ، وهو أن يكون جميع أجزاء الماهية غير الماهية وغير الداخل فيها وغير الخارج عنها ، بل يكون جميع الداخل. وإن أراد بالداخل ما هو أعمّ من البعض والجميع اخترنا أن يكون داخلا.
قوله : يلزم أن يكون جميع أجزاء الماهية داخلا فيها فيكون لها جزء آخر ، فلا يكون ما فرضناه مجموع الأجزاء مجموع الأجزاء.
__________________
(١) نفس المصدر.