وأمّا الثالث ، فلأنّ ذلك الجزء لا بدّ وأن يعرف جميع الأجزاء لتوقف تعريف الماهية على تعريف الأجزاء ، فيكون تعريفا لنفسه وللخارج ، وهما محالان.
وأمّا الرابع ، فلأنّ الخارج لا يصحّ أن يكون معرفا إلّا إذا عرف اختصاصه بالمعرف ، فإنّ غير المختص لا يفيد أقلّ مراتب التعريف ، وهو التميز ، لأنّا إذا قلنا في حقيقة مخصوصة : إنّها التي يلزمها اللازم الفلاني ، فالأمر الذي نطلب معرفته إمّا أن يكون هو خصوصية تلك الحقيقة في نفسها أو كونها ملزومة لذلك اللازم.
والأوّل باطل ؛ لأنّ العلم بكونها مؤثرة في اللازم الفلاني لا يقتضي العلم بخصوصيتها ، فإنّ الأشياء المختلفة في الحقيقة يجوز اشتراكها في لازم واحد ، ومع ذلك التجويز لا يمكن القطع بحصول تلك الماهية المخصوصة عند حصول العلم بكونها مؤثّرة في ذلك اللازم ، بل قد يكون ذلك اللازم بحيث لا يوجد إلّا لملزوم واحد ، لكن العلم بالاختصاص إنّما يمكن لو عرف الماهية أولا ويعرف ما عداها ؛ لأنّ العلم بالاختصاص علم بنسبة أمر إلى الماهية ، والعلم بالنسبة يتوقّف على العلم بالمنتسبين ، فيلزم الدور ، أو (١) العلم بجميع الماهيات.
والثاني محال ؛ لأنّ كونها مؤثرة في ذلك اللازم هو الذي فرضناه معرّفا ، فلو جعلناه نفس المطلوب كان ذلك تعريفا للشيء بنفسه.
والمركب من الداخل والخارج خارج. فلم يبق المخلص ، إلّا بأن تجعل التعريفات الحدّية والرسمية عبارة عن تفصيل ما دلّ عليه الاسم إجمالا. لكن لا يبقى فرق بين الحدّ والرسم ؛ لأنّ الاسم ربما وضع بإزاء ما يعقل فإذا وضع اسم العلم بإزاء أمر ما يؤثر في العالمية ، فمن ذكر في تعريف العلم هذا فقد حدّه. (٢)
__________________
(١) في المخطوطة : «و» والصحيح ما أثبتناه وفقا للسياق والمعنى.
(٢) راجع نقد المحصل ، المقدمة الأولى من المحصل : ٦ ـ ٩.