ماهية الملك والروح.
وأجاب بأنّ الطلب إمّا لتفسير اللفظ أو للبرهان على وجود المتصوّر ، وكلاهما تصديق. (١)
واعترضه أفضل المحقّقين : بأنّا نعرف تفسير لفظ الروح ونعلم يقينا وجوده في كلّ ذي روح ، ونجد العلماء يتخالفون في ماهيته ، وليس المطلوب أحد التصديقين اللّذين ذكرهما. وكذا نعلم تفسير ألفاظ كثير من الأشياء ونعلم وجوده قطعا ويتعذّر تصوّر حقيقته على كثير من الناس ، كالحركة والزمان والمكان. (٢)
وقد تلخص من كلام أفضل المتأخرين : أنّ الإنسان لا يمكنه أن يتصوّر إلّا ما يجده من فطرة النفس كالألم واللّذة ، أو من بديهة العقل كتصور الوجود والوحدة والكثرة ، أو ما يركّبه العقل كالحيوان الناطق ، أو الخيال كما يتصور جبلا من ياقوت وإنسانا يطير ، وما يركّبه العقل والخيال كما يركب الوحدة مع زيد.
الثالث : لمّا ظهر كون بعض التصوّرات كسبيا وكذا التصديقات ، قلنا : ليست العلوم كلها ضرورية ، وإلّا لما جهلنا ؛ ولا كسبية ، وإلّا لدار أو تسلسل ، بل البعض بديهي والبعض كسبي. (٣)
قيل : إذا كانت العلوم كلّها كسبية كانت الملازمة الأخيرة كسبية تفتقر إلى برهان.
والحقّ الالتجاء في ذلك إلى الضرورة ؛ فإنّا نعلم بالضرورة أنّ لنا علوما ضرورية.
__________________
(١) نقد المحصل : ٩.
(٢) نفس المصدر.
(٣) راجع الجوهر النضيد للمصنّف : ١٩٢ ـ ١٩٣.