اتّحاد الخطاب وجواز الاختلاف في الحكم والمقصود ، يمتنع التشريك إلّا لدليل خارجيّ.
والمخالفون في ذلك ، إن زعموا أنّ مساواة حكم غيره له ، مستفاد من هذا اللفظ ، فهو جهالة ، وإن زعموا أنّه مستفاد من دليل آخر ، مثل [قوله تعالى :](وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)(١) وما شابهه ، فخروج عن هذه المسألة ، لأنّ الحكم لم يجب على الأمّة بمجرّد خطاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بل بدليل آخر.
وإذا ثبت ذلك ، ثبت أيضا أنّ خطاب الأمّة خاصّة لا يتناوله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
احتجّ بأنّ العادة قاضية بأنّ من كان مقدّما على قوم (٢) فإنّ أمره أمر لأولئك القوم ، ولهذا إذا أمر السّلطان الوزير بالرّكوب إلى مبادرة العدوّ ، فإنّ أهل اللّغة يعدّون ذلك أمرا لأتباعه ، وكذا إذا أخبر عنه بأنّه فتح البلد ، وكسر العدوّ ، فإنّه يكون إخبارا عن أتباعه.
والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قدوة للأمّة ، ومتبوع لهم ، فأمره ونهيه يكون أمرا لأتباعه.
ويؤيّده وضوحا قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ)(٣) ولم يقل : إذا طلّقت النّساء فطلقهنّ ، وهو يدلّ على أنّ خطابه خطاب أمّته.
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) في «ب» : على قومه.
(٣) الطلاق : ١.