خالفناه في الحكم الواحد للضّرورة ، ولا ضرورة في غيره ، فيبقى على أصل المنع.
لا يقال : اللّفظ يدلّ على رفع الجميع ، لأنّ رفعهما مستلزم لرفع جميع أحكامهما وإذا تعذّر العمل به في نفي الحقيقة ، تعيّن العمل به في نفي الأحكام.
سلّمنا أنّه لا يدلّ وضعا ، فلم لا يدلّ عرفا؟ بيانه : أنّه يقال : ليس للبلد سلطان ، وليس له ناظر ولا مدبّر ، ويراد به نفي الصفات.
سلّمنا ، لكن يجب إضمار الجمع ، لأنّه يجعل وجود الخطأ كعدمه ، ولعدم أولويّة البعض ، فإمّا أن لا يضمر بشيء البتّة ، وهو باطل بالإجماع ، أو يضمر الجميع ، وهو المراد.
لأنّا نقول : إنّما يستلزم اللّفظ نفي جميع الأحكام بواسطة نفي حقيقة الخطأ ، فإذا لم يكن [الخطأ] منفيّا ، لم يكن مستلزما لنفي الجميع ، والأصل في الكلام الحقيقة. (١)
وفيه نظر ، لتعذّر الحقيقة هنا ، فيحمل على أقرب مجازاتها ، وهو الجمع.
والتحقيق : رجوع هذا إلى التعارض بين المجاز والإضمار ، والعرف طار ، إذ ليس المراد بقولنا : ليس للبلد سلطان ، نفي الجميع ، وإلّا لم يكن موجودا ولا عالما ولا قادرا.
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٦٥.