يكون متعيّنا في نفسه ، لكنّ المتكلّم ما عيّنه قابل للتعيين ، فقد نوى ما يحتمله الملفوظ.
لأنّا نجيب عن الأوّل ، بالمنع من عدم قبول التخصيص في الطرفين ، وبالفرق ، فإنّ الفعل غير متعدّ إليهما (١) بل هما من ضروراته ، فلم يكن اللّفظ دالا عليه بالوضع ، فلذلك لم يقبل تخصيص لفظه به ، لأنّ التّخصيص هو حمل اللّفظ على بعض مدلولاته لا غير ، بخلاف المأكول. (٢)
وفيه نظر ، لأنّ الدّلالة أعمّ من الالتزاميّة وغيرها ، والجميع قابل للتخصيص.
وعن الثاني ، بأنّ المحلوف عليه ليس هو المفهوم من الأكل الكلّي الّذي لا وجود له إلّا في الأذهان ، وإلّا لما حنث بالأكل الخاصّ ، إذ هو غير المحلوف عليه ، فلم يبق المراد إلّا أكلا مقيّدا من جملة الأكلات المقيّدة الّتي يمكن وقوعها في الأعيان أيّ واحد منها كان ، وإذا كان لفظه لا إشعار له بغير المقيّد ، صحّ تفسيره به.
حجّة القائلين بعدم التّعميم : أنّ نيّة التخصيص لو صحّت لصحّت إمّا في الملفوظ ، أو في غيره ، والقسمان باطلان ، فبطلت تلك النيّة.
أمّا بطلان الملفوظ ، فلأنّه هو الأكل ، وهو ماهيّة واحدة ، لأنّه مشترك بين أكل هذا الطّعام ، وأكل ذلك الطّعام ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فماهيّة
__________________
(١) أي الزمان والمكان.
(٢) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٦٦.