وإلّا لم يكن نافيا (١) لحقيقة الأكل من حيث هو أكل ، وهو خلاف دلالة لفظه ، وإذا ثبتت دلالة لفظه على نفي حقيقة الأكل بالنسبة إلى كل مأكول فقد ثبت عموم لفظه بالنّسبة إلى كلّ مأكول ، فكان قابلا للتّخصيص.
وأمّا في طرف الإثبات وهو : إن أكلت فأنت حرّ ، فلأنّ وقوع الأكل المطلق يستدعي مأكولا مطلقا ، لكونه متعدّيا إليه ، والمطلق ما كان شائعا في جنس المقيّدات الدّاخلة تحته ، فكان صالحا لتفسيره وتقييده بأيّ واحد منها كان ، ولهذا لو قال الشّارع : أعتق رقبة ، صحّ تقييدها بالمؤمنة ، ولو لا دلالة المطلق على المقيّد دلالة ، لما صحّ تفسيره به.
وأيضا ، أجمعنا على أنّه لو قال : إن أكلت أكلا ، صحّت نيّة التخصيص فكذا لو قال : إن أكلت ، لأنّ الفعل مشتقّ من المصدر ، والمصدر موجود فيه.
لا يقال : على الأوّل أنّ حقيقة الأكل لا يتمّ نفيا ، ولا إثباتا ، إلّا بالنّسبة إلى المكان والزمان ، ومع ذلك لو نوى بلفظه مكانا معيّنا ، وزمانا معيّنا ، لم يقبل.
وعلى الثاني ، أنّ المصدر هو الماهيّة ، وهي لا تقبل التخصيص.
وأمّا قوله : «أكلا» فليس في الحقيقة مصدرا ، لأنّه يفيد أكلا واحدا منكّرا ، والمصدر ماهيّة الأكل وقيد التكثير والوحدة خارجان عن الماهيّة.
وكونه منكّرا ، ليس وصفا قائما به ، بل معناه : أنّ القائل ما عيّنه ، والّذي
__________________
(١) في «أ» : نفيا.