وقد بيّنا أنّه إنّما يراد المجموع على سبيل المجاز ، لكنّ المجاز خلاف الأصل ، لا يصار إليه إلّا لدليل ، وحينئذ احتمل أن يكون «قد صلّى بعد الحمرة» وأن يكون «قد صلّى بعد البياض» فلا يمكن حمل ذلك على وقوع الصّلاة بعدهما.
الرابعة : الفعل وإن انقسم إلى أقسام وجهات ، فالواقع منه لا يقع إلّا على وجه واحد منها ، فلا يكون عامّا لجميعها (١) بحيث يحمل وقوعه على جميع جهاته ، وذلك كما روي ، أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم «صلّى داخل الكعبة» فإنّ الصّلاة الواقعة احتمل أن تكون فرضا ، وأن تكون نفلا ، فلا يمكن وقوعها على وجهي الفرض والنفل معا ، وحينئذ لا يمكن الاستدلال بذلك على جواز الفرض والنّفل داخل الكعبة ، إذ لا عموم للفعل (٢) ولا يمكن تعيين أحدهما إلّا بدليل.
وكذا قول الرّاوي : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يجمع بين الصّلاتين في السّفر ، فإنّه يحتمل وقوع ذلك في وقت الأولى ، ويحتمل وقوعه في وقت الثانية ، وليس في نفس وقوع الفعل ، ما يدلّ على وقوعه فيهما ، بل في أحدهما ، والتّعيين يفتقر إلى الدّليل.
وأمّا وقوع ذلك منه صلىاللهعليهوآلهوسلم متكرّرا ، على وجه يعمّ سفر النّسك وغيره ، فالبحث فيه قد تقدّم.
وقد ظهر من هذا أنّ فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم سواء كان واجبا أو مباحا ، لا عموم له
__________________
(١) في «ج» : بجميعها.
(٢) في «أ» : في الفعل.