ويمكن أن يقال : إن كان الرّاوي من أهل المعرفة بمفهومات الألفاظ ، فالظاهر العموم ، لأنّه لم ينقل صيغة العموم ، إلّا وقد سمع صيغة تدلّ عليه ، وإلّا كان طعنا في معرفته أو عدالته ، إذ هما يقتضيان المنع من إيقاع الناس في ورطة الالتباس ، وذلك يثمر الظنّ (١) بالعموم ، فيكون حجّة ، لوجوب العمل بظنّيات الأدلّة النقليّة كمعلوماتها.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قضيت بالشفعة للجار» وقول الرّاوي : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قضى بالشفعة للجار فإنّ الاحتمال وإن كان قائما ، إلّا أنّ جانب العموم أقوى.
الثانية : قول الرّاوي : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يجمع بين الصلاتين قيل : إنّه يقتضي التكرار في العرف ، فإنّه لا يقال : كان فلان يتهجّد باللّيل ، إذا تهجّد مرّة واحدة ، وكذا لو قيل : كان فلان يكرم الضّيف ، فإنّه يفيد التكرار.
وقيل (٢) : لا يفيده ، لأنّ لفظة كان لا تفيد إلّا تقدّم الفعل ، فأمّا التكرار فلا.
الثالثة : قيل (٣) : قول الرّاوي : «صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد الشّفق» أنّه محمول على أنّه صلّى بعد الشّفقين ، أعني الحمرة والبياض ، فهذا إنّما يصحّ لو قلنا إنّ المشترك يراد به كلا معنييه ، فكأنّ الرّاوي قال : إنّه صلّى بعد الشّفقين.
__________________
(١) في «أ» و «ج» : يتميّز الظنّ.
(٢) القائل هو الرازي في محصوله : ١ / ٣٩٤ و ٣٩٥.
(٣) القائل هو الرازي في محصوله : ١ / ٣٩٥.