الثاني : العرف قاض بإلغاء المنفصل ، فإنّ من قال لوكيله : بع ثوبي من أيّ شخص كان ، ثمّ قال في غد : إلّا من زيد ، فإنّه لا يجعل الاستثناء عائدا إلى ما تقدّم.
وكذا لو قال : «لفلان عليّ عشرة» ثمّ قال بعد شهر : إلّا درهما ، عدّ لاغيا.
وكذا لو قال : «رأيت زيدا» ثمّ قال بعد شهر : قائما ، فإنّهم لا يعدّون ذلك مخبرا عن زيد بشيء.
وكذا لو قال : «أكرم زيدا» ثمّ قال بعد شهر : إن دخل داري ، فإنّه لا يعدّ شرطا.
الثالث : روى المخالف أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه ، فليأت الّذي هو خير ، وليكفّر عن يمينه» ولو كان الاستثناء المنفصل صحيحا ، لأرشد الله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه ، لكونه طريقا مخلصا للحالف عن الحنث ، وهو أسهل من التكفير ، والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما يقصد الأسهل والأيسر ، فحيث لم يرشد إليه دلّ على عدم صحّته. (١)
وفيه نظر ، لأنّا نمنع الحديث أوّلا ، وثانيا بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أرشد إلى ما هو أكثر ثوابا.
احتجّ المخالف بوجوه :
الأوّل : يجوز تأخير النّسخ والتخصيص ، فكذا الاستثناء.
الثاني : روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «والله لأغزونّ قريشا» ثمّ سكت ، ثم قال بعده :
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٩١.