احتجّ المخالف بقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(١) جعله مبيّنا للكتاب ، وهو إنّما يكون لسنّته ، فلو كان الكتاب مبيّنا للسنّة ، لزم الدّور.
ولأنّ المبيّن أصل ، والبيان تابع ، فلو كان الكتاب مبيّنا ، لكان تابعا للسنّة.
والجواب : لا نمنع ما ذكرتموه من كون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مبيّنا للسنّة بما يرد على لسانه من القرآن ، فإنّ السنّة منزلة أيضا ، لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٢) وإنّما لم يكن قرآنا ، لأنّه ليس متلوّا.
ثمّ ما ذكرتموه ، معارض بقوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(٣) والسنّة شيء ، والتبعيّة باطلة للإجماع.
على أنّ القرآن مبيّن لقوله تعالى : (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) وأيّ شيء قدّرنا كون القرآن مبيّنا له ، لزم أن يكون تابعا على ما ذكرتموه.
ولأنّ القطعيّ قد يبيّن الظنيّ ولا ينحط عن درجته.
__________________
(١) النحل : ٤٤.
(٢) النجم : ٣ ـ ٤.
(٣) النحل : ٨٩.