وجوب الزكاة في الأنعام كلّها ثم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : في سائمة الغنم زكاة ، فإنّه يكون مخصّصا للعموم بإخراج معلوفة الغنم عن وجوب الزكاة بمفهومه ، لأنّ كلّا منهما دليل شرعيّ ، وقد تقابلا ، وأحدهما أعمّ من الآخر ، فيخصّ العامّ بالخاصّ ، لما فيه من العمل بالدّليلين ، وهو أولى من إبطال أحدهما بالكليّة.
وقيل : لا يخصّص ، لأنّ الخاصّ إنّما قدّم على العامّ ، لأنّ دلالته على ما تحته أقوى من دلالة العامّ على ذلك الخاصّ ، والأقوى راجح ، وهنا ليس كذلك ، فإنّ المفهوم وإن كان من حيث إنّه خاصّ أقوى ، إلّا أنّ دلالة المفهوم على مدلوله أضعف من دلالة العامّ على ذلك الخاصّ ، لأنّ العامّ منطوق به في محلّ المفهوم ، والمفهوم ليس منطوقا به ، والمنطوق أقوى في دلالته من المفهوم ، لافتقار المفهوم في دلالته إلى المنطوق ، وعدم افتقار المنطوق في دلالته إلى المفهوم.
فلو خصّص العامّ بالمفهوم كان ترجيحا للأضعف على الأقوى ، وهو غير جائز.
والجواب : أنّ العمل بالمفهوم لا يلزم منه إبطال العمل بالعموم مطلقا ، والجمع بين الدليلين ولو من وجه ، أولى من العمل بظاهر أحدهما وإبطال الآخر بالكليّة.