وأمّا ثانيا ، فلأنّ المخصّص حينئذ ليس هو العادة ، بل دليل الأصالة.
وأمّا ثالثا ، فلأنّا نمنع من أصالة الإباحة ، ولأنّ اللّفظ عامّ لغة وعرفا ، ولا مخصّص.
احتجّوا بأنّ العرف والعادة يخصّصان اسم الدابّة بذوات الأربع ، والثمن عند إطلاقه بالنقد الغالب في البلد.
ولأنّه لو قال : له اشتر اللّحم ، والعادة تناول لحم الضأن ، حمل عليه.
والجواب : الفرق أنّ غلبة اسم الدابة على الخيل ، والثمن بالنقد الغالب ، يقتضي الاختصاص به ، بخلاف غلبة تناوله ، فالعادة إنّما هي مطّردة في اعتياد أكل ذلك الطعام المخصوص ، لا في تخصيص اسم الطعام بذلك الخاصّ ، فلا يكون قاضيا على ما اقتضاه عموم لفظ الطعام مع بقائه على الوضع الأصلي ، بخلاف الدابّة ، فإنّه صار بعرف الاستعمال ظاهرا في ذوات الأربع وضعا ، حتّى لا يفهم من إطلاق [لفظ] الدابّة غيره ، فكان قاضيا على الاستعمال الأصليّ ، حتّى لو كانت العادة في الطعام المعتاد أكله ، خصّصت بعرف الاستعمال اسم الطعام بذلك الطعام ، لكان لفظ الطعام منزّلا عليه دون غيره ، ضرورة تنزيل مخاطبة الشارع للعرب (١) على ما هو المفهوم [لهم] من لغتهم.
والصرف إلى الضأن ، للقرينة في المطلق لا العموم.
الثاني : عادة في الاستعمال ، بأن يكون العموم مستعرفا في اللّغة ويتعارف الناس استعماله في بعض تلك الاشياء ، كالدابّة الموضوعة لغة لكلّ ما يدبّ ، ثمّ
__________________
(١) في «ب» و «ج» : للعرف.