وقال أبو بكر الصيرفي (١) والحليمي (٢) من الشافعيّة : إن صدر الخطاب ب «قل» مثل : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ)(٣) فهو غير داخل ، وكلّ خطاب لم يصدر بأمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بتبليغه ، مثل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ،) دخل.
لنا : انّ هذه الصيغة عامّة لكلّ إنسان ، وكلّ مؤمن ، وكلّ عبد ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّد المؤمنين والعباد ، والنبوّة غير مخرجة [له] عن إطلاق هذه الأسماء عليه ، فلا تكون مخرجة له عن العمومات.
ولأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان إذا أمر أصحابه بأمر ، وتخلّف عنه ، سألوه عن سبب الترك ، ولو لم يعقلوا دخوله فيما أمرهم به ، لما سألوه عن ذلك ، ولم ينكر عليهم ما فهموه من الدخول ، بل اعتذر ، كما قالوا : لم أمرتنا بفسخ الحجّ إلى العمرة ، ولم تفسخ؟ فقال : «إنّي قلّدت هديا» (٤).
احتجوا بوجوه.
الأوّل : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر الأمّة بهذه الأوامر فلو دخل فيها لكان آمرا مأمورا بخطاب واحد ، وهو ممتنع.
ولأنّه يلزم أن يكون الإنسان آمرا لنفسه ، وهو محال ، لأنّ الأمر طلب
__________________
(١) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ١٤٠.
(٢) الحسين بن الحسن بن محمد ، أبو عبد الله ، فقيه شافعيّ ، كان رئيس أهل الحديث في ما وراء النّهر ، مات في بخارى سنة ٤٠٣ ه. لاحظ الأعلام للزركلي : ٢ / ٢٣٥.
(٣) الأعراف : ١٥٨.
(٤) لاحظ مسند أحمد بن حنبل : ٢ / ١٢٤ ؛ والسنن الكبرى للبيهقي : ٥ / ١٢ ـ ١٣ ونقله الآمدي في الإحكام : ٢ / ٣٨٠ كما في المتن.