حكمه ، وحكمه هو ما شاء المتكلّم وأراده ، دون ما لم يعنه ، فلو جعل الكافر في المعطوف عليه عامّا ، وفي المعطوف خاصّا لم يكن العطف مفيدا لاشتراكهما فيما قصده المتكلّم ، لأنّه قصد بالأوّل العموم ، وبالثاني الخصوص ، ولكان الثاني معطوفا على بعض الأوّل ، وظاهر العطف يمنعه.
ولا يمكن أن يقال : العطف يفيد اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في لفظ الكافر ، لأنّ اللّفظ ليس موجودا في المعطوف ، وانّما حكم المعطوف عليه يوجد فيه ، فإنّ المتكلّم يقصد بالعطف اشتراكهما في معنى قصده ، دون اللفظ.
ثمّ أجاب عن كلام الحنفيّة : بأنّ المعطوف إذا قيّد بصفة ، لم يجب أن يضمر فيه من المعطوف عليه إلّا ما يصير به مستقلّا ، فإنّ الإنسان لو قال : «لا تقتل اليهود بالحديد ، ولا النصراني في الأشهر الحرم» لم يجب أن يضمر فيه إلّا القتل حتى يكون معناه : «ولا تقتل النصارى في الأشهر الحرم» ولا يجب إضمار «الحديد» حتّى يصير «ولا تقتل النصارى بالحديد في الأشهر الحرم» لأنّه لمّا قيّد المعطوف بزيادة ليست في المعطوف عليه ، علم أنّه أراد المخالفة بينهما في كيفيّة القتل ، وأن يشرك بينهما في القتل فقط ، لا في الزيادة الّتي في المعطوف عليه (١).
وهذا الكلام جيّد ، لأنّ قوله : «ولا ذو عهد في عهده» كلام تامّ ، لأنّه لو قال : «لا يقتل ذو العهد» لكان من الجائز أن يتوهّم أنّ من وجد منه العهد ، ثمّ خرج
__________________
(١) المعتمد : ١ / ٢٨٤ ـ ٢٨٧ نقله المصنّف بتلخيص.