أجاب القائلون بالعموم : بأنّ إجراء اللّفظ على عمومه ، وتخصيص المتأخّر أولى من العكس ، لأنّ دلالة الأوّل ظاهرة ، ودلالة الثاني غير ظاهرة ، ولا يخفى أنّ دلالة المظهر ، أقوى من دلالة المضمر. (١)
أعترضه أبو الحسين : بأنّه ليس القول بأنّ العموم أولى ، لأنّه ظاهر ، بأولى من أنّ التمسّك بالكناية أولى ، لأنّها كناية (٢).
وليس بجيّد ، لأنّ الظاهر لا يتوقّف على الكناية في الدلالة ، والكناية تتوقّف على الظاهر ، والموقوف عليه أولى.
والجواب الصحيح : أنّ مراعاة ظاهر الكناية أولى ، لأنّ تعميم الظاهر يقتضي إلى الإضمار والإجمال.
أمّا الإضمار ، فلأنّ التقدير يصير : «إلّا أن يعفو بعضهنّ» ومراعاة ظاهر الكناية يقتضي التخصيص ، وقد تقدّم أنّ التخصيص خير من الإضمار.
وأمّا الإجمال ، فلعدم إشعار المضمر بالمراد منه.
قيل : لو خصّص الأوّل لزم تخصيصهما معا ، فيلزم مخالفة ظاهرين. (٣)
وليس بجيّد ، لأنّ الثاني بعد تخصيص الأوّل لا يكون عامّا ، فلا يلزم مخالفة ظاهر آخر.
__________________
(١) لاحظ الإحكام للآمدي : ٢ / ٤٢٥.
(٢) المعتمد : ١ / ٢٨٤ ـ ٢٨٥.
(٣) لاحظ رفع الحاجب في مختصر ابن الحاجب : ٣ / ٣٥٣ ، قسم المتن.