لاختصاص بعض المذكور السابق به دون البعض ، وإذا قام الدّليل على تخصيص الضمير ببعض المذكور السابق ، وخولف ظاهره ، لم يلزم منه مخالفة الظاهر الآخر ، بل يجب إجراؤه على ظاهره إلى أن يقوم دليل على تخصيصه.
والدّليل على ما قلناه ، أنّ الضّمير لا بدّ وأن يرجع إلى السّابق قطعا ، فإمّا أن يرجع إلى كلّه ، أو بعضه.
والثانى محال ، لعدم الأولويّة ، ولاستلزامه الإجمال ، فثبت الأوّل ، وإنّما يصحّ لو كان المراد بالأوّل من يصحّ العود إليه.
والجواب عن حجّة القاضي : أنّ التخصيص يقتضي تخصيص أوّل الكلام ، لوجوب رجوع الضمير إلى جميع ما تقدّم ، لأنّ معنى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(١) إلّا أن يعفو النّساء اللّواتي طلّقتموهنّ ، ولو أنّه تعالى صرّح بذلك ، لكان لفظ النّساء مقصورا على من يصحّ عفوه.
وعن الثاني : أنّ الضمير ليس للعموم ، وهو عبارة عمّا تقدّم ، إذ الضّمير هو المظهر في الحقيقة ، وإنّما اختلفا في الإضمار والإظهار ، فلا يكون الأوّل للعموم.
احتجّ المتوقّفون : بأنّ ظاهر العموم المتقدّم يقتضي الاستغراق ، وظاهر الكناية يرجع إلى كل ما تقدّم ، لأنّ الكناية يجب رجوعها إلى المذكور المتقدّم ، وهو المطلّقات ، وليست رعاية ظاهر العموم أولى من رعاية ظاهر الكناية فوجب التوقف.
__________________
(١) البقرة : ٢٣٧.