الكمال ، دون العكس ، وإذا تقابلت الاحتمالات لزم الإجمال.
لأنّا نقول : ما ذكرناه أرجح ، لأنّه على وفق النفي الأصليّ ، وما ذكرتموه على خلافه.
ولأنّ ما ذكرناه لا يلزم منه تعطيل دلالة اللفظ ، بخلاف ما ذكرتموه.
سلّمنا وجوب إضمار أحدهما خاصّة ، لكن صرفه إلى الجواز أولى من صرفه إلى الفضيلة ، لأنّ المدلول [عليه] باللّفظ نفي الذات ، والدالّ على نفي الذات يدلّ على نفي جميع الصّفات ، لاستحالة بقاء الصّفة مع عدم الذات ، فقوله : «لا عمل» يدلّ على نفي الذات ونفي الصحّة ونفي الكمال ، ترك العمل به في الذات ، فيبقى معمولا به في الباقي.
لا يقال : دلالة الالتزام تابعة ، فإذا انتفت دلالة المطابقة ، انتفى تابعها.
ولأنّ هذا اللفظ قد جاء لنفي الفضيلة ، والأصل [في الكلام] الحقيقة.
لأنّا نقول : دلالة اللّفظ على نفي الصحّة وإن كانت تابعة لدلالته على نفي الذات ، لكن بعد استقرار تلك الدلالة صار اللّفظ كالعامّ بالنّسبة إليها بأسرها ، فإذا خصّ في بعض الصّور وهو الذات ، وجب أن يبقى معمولا به في الباقي. (١)
وفيه نظر ، فإنّ العموم إنّما حصل بسبب اعتبار الدلالتين معا ، فإذا عدمت المطابقة الّتي هي الأصل ، وجب عدم الأخرى.
بل الحقّ : أنّ الدّلالة الأصليّة باقية ، وإن كان الحكم منتفيا ، ووروده في نفي الفضيلة لدليل خارج ، ولا امتناع في صرف اللّفظ عن حقيقته العرفيّة
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٧٠.