وإن كان الفعل متقدّما ، فهو ، وإن دلّ على وجوب الثاني ، إلّا أنّ القول بعده يدلّ على عدم وجوبه ، ولا يجوز إهمال دلالة القول ، فيكون ناسخا لوجوب [الطواف] الثاني الّذي دلّ عليه الفعل ، أو يحمل على بيان وجوب الأوّل في حقّ أمّته دونه ، وهو أولى ، لما فيه من الجمع بين البيانين من غير نسخ ولا تعطيل.
وقيل : يكون القول بيانا مطلقا ، من غير تفصيل إلى تقدّمه وتأخّره ، لأنّه بيان بنفسه ، والفعل لا يدلّ حتّى يعرف ذلك إمّا بالضّرورة أو بالاستدلال بدليل قوليّ أو عقليّ ، فإذا لم ينقل ذلك لم يثبت كون الفعل بيانا. (١)
وليس بجيّد ، لأنّ الغرض كون كلّ منهما صالحا للبيان ، فإذا فرضنا تقدّم الفعل ، فهو بيان لوقوعه بعد إجمال ورود التعبّد به ، فيكون بيانا له على ما تقدّم.
وإن جهل التاريخ ، قال أبو الحسين (٢) : يكون البيان هو القول ، لأنّا لو جعلنا الفعل هو البيان ، لأوجبنا إثبات ما تعلّقه بالمبيّن من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ هذا بيان لهذا» وإن لم يعلم ذلك باضطرار من قصده ، ولا يجوز إثبات ذلك إلّا عن ضرورة ، ولا ضرورة إلى ذلك مع إثبات قول يمكن أن يكون بيانا.
لا يقال : فليجز أن يكون الفعل هو لبيان وان لم يقطعوا عليه.
لأنّا نقول : لا يجوز ذلك إلّا لضرورة ، ولا ضرورة.
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٧٦.
(٢) المعتمد : ١ / ٣١٣.