مقدار قيمة شاة ، وإنّما احتاجوا إلى هذا التأويل ، لما علم من أنّ المقصود من إيجاب الزكاة إنّما هو دفع حاجة الفقراء وسدّ خلاتهم ، وذلك يحصل بالقيمة ، كما يحصل بالعين ، بل ربما كانت القيمة أبلغ في حصول المقصد ، لإمكان صرفها إلى أيّ نوع شاء الفقير من شراء الشاة وغيرها.
واستبعده الشافعي لوجوه ثلاثة : الأوّل : أنّه يرفع النصّ ، لأنّ قوله تعالى : (وَآتُوا الزَّكاةَ)(١) نصّ ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : في أربعين شاة شاة ، بيان للنصّ ، وهو نصّ في وجوب الشاة ، وإيجاب القيمة رفع وجوب الشاة وإسقاطها ، فيكون رفعا للنصّ.
الثاني : سدّ الخلة وإن كان مقصودا ، إلّا أنّه ليس كلّ المقصود ، بل ربّما قصد مع ذلك التعبّد باشتراك الفقير في جنس مال الغنيّ ، فالجمع بين الظّاهر وبين التعبّد ومقصود سدّ الخلّة أغلب على الظنّ في العبادات الّتي مبناها على الاحتياط من تجريد النظر إلى مجرّد سدّ الخلّة.
الثالث : التعليل بسدّ الخلّة مستنبط من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : في أربعين شاة شاة ، يرجع إلى الأصل بالإبطال ، أو على الظاهر بالرفع ، وظاهره وجوب الشاة على التعيين وهذا التأويل يرفع هذا الوجوب بما استنبط منه من العلّة الّتي هي دفع الحاجة ، وإذا استنبطت العلّة من الحكم وأوجبت رفعه ، كانت باطلة.
والجواب عن الأوّل : بالمنع من كون إيجاب القيمة إسقاطا للشاة ورفعها لها ، بل هو توسيع للوجوب لا إسقاطه ، وإنّما إسقاطه ترك الشاة لا إلى بدل أمّا إذا
__________________
(١) البقرة : ٤٣.