نعم هناك من يستنبط من هذه الروايات لزوم الترجيح بكلّ مرجّح وإن لم يكن منصوصا كالشيخ الأنصاري في فرائده ، ومنهم من لا يقبل ذلك ، وعلى كلّ تقدير فالفارق بين العمل بالمرجّحات والقياس والاستحسان وجود الدليل على لزوم الترجيح بها وعدمه في القياس والاستحسان.
ولو أنّ صاحب المقال أحاط بأصول الفقه عند الإمامية لما أثار عجبه هذا التفريق ، بل وجه اهتمامه إلى التركيز على موضوع آخر وهو طرح القياس على صعيد البحث على ضوء دراسة أدلّة المثبتين والنافين دون أن يربط العمل بالقياس بالعمل بخبر الواحد والظواهر.
٤. وممّا أخذه الأستاذ على الإمامية هو العمل بالأصول العملية ، أعني : البراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب ، فقد قال : إنّ ما يسمّونه أصولا عملية هي قواعد توصل إلى الظن ، والرجحان ، ومع ذلك أجازوا بل أوصوا بالعمل بها عند عدم الدليل الصريح. (١)
أقول : أظن انّ القارئ في غنى عن تكرار الجواب فإنّ الإشكال في الجميع واحد والجواب مثله ، وهو أنّ الفارق وجود الدليل على حجّية الأصول ، سواء أكانت مفيدة للظن أم لا ، ومن درس الأصول العملية في الكتب الأصولية للشيعة الإمامية يقف على أنّهم يستدلّون عليها بطرق مختلفة من الكتاب والسنّة والإجماع والعقل. فكيف يقاس ذلك بالقياس الّذي تواتر النهي عن العمل به عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وهذا هو قول الإمام الصادق عليهالسلام لأبان بن تغلب : «إنّ السنّة إذا قيست محق الدين». (٢)
__________________
(١) الصفحة ٩٦ من المجلة.
(٢) الوسائل : ١٨ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي.