مثلا دلّ الكتاب العزيز على أنّ السارق والسارقة تقطع أيديهما ، والحكم على عنوان السارق ، فهل يلحق به النبّاش الّذي ينبش القبر لأخذ الأكفان؟ فإنّ التسوية بين العنوانين أمر مشكل ، يقول السرخسي :
لا يجوز استعمال القياس في إلحاق النبّاش بالسارق في حكم القطع ، لأنّ القطع بالنصّ واجب على السارق. (١)
والحاصل : أنّ هناك فرقا واضحا بين فردين من طبيعة واحدة ، فيصحّ تعميم حكم الفرد إلى الفرد الآخر لغاية اشتراكهما في النوعية ، وأنّ حكم الأمثال في ما يجوز وما لا يجوز واحد ، لكن بشرط أن يثبت أنّ الحكم من لوازم الطبيعة لا الخصوصيات الفردية.
وأمّا المتشابهان فهما فردان من طبيعتين ـ كالإنسان والفرس ـ يجمعهما التشابه والتضاهي في شيء من الأشياء ، فهل يصحّ تعميم حكم نوع إلى نوع آخر؟ كلّا ، إلّا إذا دلّ الدّليل على أنّ الوحدة الجنسية سبب الحكم ومناطه وملاكه التام (٢) ، كما دلّ الدليل في أنّ سبب الحرمة في الخمر ، هو الإسكار ، وإلّا فلا يصحّ إسراء حكم من طبيعة إلى طبيعة أخرى بمجرد التشابه بينهما ، أو الاشتراك في عرض من الأعراض.
__________________
(١) أصول السرخسي : ٢ / ١٥٧.
(٢) أصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه : ١٠٨ ـ ١١٠.