كان رحمهالله كتلة من النشاط والحركة العلمية الدائبة طوال حياته الشريفة ، لم يترك البحث والتأليف حتّى في حالة السفر وركوب الدابة.
ومن أهم نقاط تميّزه العلمي ، عمق أبحاثه ودقّة تحقيقاته وثراء عطائه في مجال الأصولين : أصول الدين وأصول الفقه ، حيث تبلغ مؤلّفاته في هذين الحقلين أكثر من ثلاثين كتابا ، بعضها يقع في عدة مجلدات ، إضافة إلى كتاباته المختلفة في سائر مجالات العلوم ، كمؤلّفاته الكثيرة العميقة في الفقه الإسلامي.
ولو لم يكن من عطاء العلّامة الحلّي إلّا كتابه (نهاية الوصول إلى علم الأصول) لكفى ذلك في إظهار عبقريته ، وإبراز تفوّقه ، وكشف عمق تفكيره وسعة معارفه ، وإحاطته بالآراء المطروحة في المسائل الأصولية في زمانه.
كما يكشف الكتاب عن مستوى أخلاقي متقدّم لدى العلّامة الحلّي يتجلّى في أمانة نقله لآراء الآخرين ، واجتهاد في فهم مقولاتهم على أفضل فروض الصحة ما أمكن ، ثم التزام النهج العلمي والموضوعية في مناقشة الآراء بعيدا عن التعصّب والانحياز ، إلّا إلى ما يقود إليه الدليل الصادق والبرهان الصحيح.
إنّ هذا النهج في البحث العلمي والحوار الموضوعي الّذي سلكه العلّامة الحلّي وأرسى قواعده في كتاباته المختلفة ، لهو النهج الّذي تحتاجه الأمّة لتجاوز حالات القطيعة والنزاع بين طوائفها واتّباع مذاهبها الإسلامية المختلفة.
فالتعارف الصحيح الّذي يوضح صورة كلّ طرف أمام الآخر على حقيقتها ، وليس من خلال الإشاعات والاتّهامات الباطلة ، هو الأرضية المناسبة للتقارب والتواصل بين فئات الأمّة على تنوّع مشاربها ومذاهبها ، كما يقول الإمام