احتجّ المخالف : بأنّ النّهي قد يراد منه التكرار بالإجماع ، وقد يراد منه المرّة الواحدة ، كقول الطبيب للمريض : لا تشرب الماء ، ولا تأكل اللّحم ، والمراد في هذه الساعة.
ويقول المنجّم : لا تفصد (١) ، وليس مراده بذلك التعميم.
والحائض نهيت عن الصلاة والصوم ، وليس المراد من ذلك في كلّ الأوقات.
والاشتراك والمجاز على خلاف الأصل ، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك.
وأيضا ، يصحّ أن يقيّد بالدّوام ونقيضه ، من غير تكرار ولا تناقض في أحدهما ، فيكون موضوعا للقدر المشترك.
وأيضا ، لو كان للدّوام ، لكان عدم الدّوام في بعض الصّور على خلاف الدّليل ، وهو ممتنع.
والجوب عن الأوّل : أنّ عدم الدّوام ، إنّما يكون لقرينة حاليّة أو مقاليّة ، أمّا مع تجرّده عن القرائن ، فلا نسلّم أنّه يراد به المرّة.
والقرينة الحاليّة ثابتة فيما ذكرتم من صورة الطبيب والمنجّم ، اذ المتعارف أنّ نهيهما ليس للتكرار.
والمقاليّة ثابتة في الحائض ، لدخولها تحت الأوامر العامّة بالصّلاة والصوم.
والأصل فيه ، أنّ الطهارة لما كانت شرطا ، وقد انتفت ، انتفى التكليف ، ولهذا
__________________
(١) أي لا تعزم أمرا مثلا كالسفر وغيره.